ماذا يحدث لك عندما يموت ضميرك


بقلم / عمار السامر
الضمير هو منارة الإنسان للصواب والإنسانية وعندما يفقده يصبح وحشاً كاسراً لا يخشى شيء وإن الإنسان الحقيقي يعرفه الناس بالضمير الحي.
اذن مشكلة البشرية انها لا تقف على انسانيتها وتعطي للضمير حقه، أصبح معظم البشر على حسب اهوائهم يشكلون حياتهم وحياة الغير، يفرضون فكرهم الجامد والمنحرف ومن ثم يدعون الكمال والاستقامة والصواب، أصبح ميزانهم متأرجح ما بين الخير والشر! لا تتفقون معي، بأن الإنسان أذا أعطى قيمة لذاته وأحبها كذات إنسانية لكانت حياته معزوفة فريدة من كمان فريد، ولكانت مجريات حياته كجدول ماء صافي عذب، ولكانت مدن حياته تسكنها حمامات بيضاء تعانق نسمات الصباح، ولكانت طعم سنين عمره كطعم عصير الرمان.
ولكن أن واجهت أي واحد بفعلته التي لا تمد لإنسانه بصلة، تراه يبرر تصرفه بأن الدنيا تغيرت، والزمان لم يعد ذاك الزمان، والإنسان تغير! ولكن هي ليست مبررات مقنعة للسير عكس التيار، هذه جميعها لا تعطي الحق لأيًا كان أن يمارس عجرفته على الآخرين! لكل إنسان عقل يفكر وقدرة تعمل وتميز بين النصفين، وهذا الضمير هو أنت الثاني الذي يحاورك ويتحدث معك ويقيمك ويرشدك إلى الصواب حينما تفتح أذنيك وقلبك له، وعكس ذلك فأنت ضائع في دروب الحياة بدونه.
أنت يا إنسان بهذه الثقافة المصطنعة تبني قاعدة هشة للأجيال القادمة، أنت تظهر لهم بأن الإنسانية هي مجرد كلمة لا رديف لها، أنت تحول إنسانك مع الزمن إلى مجرد حجارة لا تحس ولا تشعر بل تضرب بها الآخرين، أنت بهذا تلغي الحواجز بين المباحات والمحرمات وتجعلها تضيع مع بعضها البعض، أنت تخلط الحابل بالنابل، أنت بهذا تعمي القلوب وتخرس الألسن وتفتح الأفواه على كلام لا معنى له، أنت بهذا تواكب تطورات العصر ولكن تجاملها لا تتقنها، تعيش في كهوف الماضي!
جميع هذه المصائب تتوالى على البشرية بسبب الإنسان وموت ضميره! فـ هل مات الضمير وماتت معه الإنسانية؟ مع الأسف بات الضمير عملة نادرة وبات الإنسان مجرد خادم لرغباته، والمصالح أصحبت هي الغالبة والمسيطرة، والاستغلال والنفاق بات شعار الكثيرين للوصول إلى مآربهم! أصبحت الازدواجية في الأقوال والأفعال جزء لا يتجزأ من حياة الكثيرين!

وربما قد لا تكون هذه هي الأسباب الوحيدة، فهناك الحالات النفسية الناتجة بسبب الأحداث المارة في الحياة، هي الأخرى تلعب دورها في داخل البعض وتدفعهم إلى طريق آخر غير طريقهم، يسلكونه عند غياب الفكر، وقد يفيقون بعد حين أو يستمرون عليها، ومع ذلك هي ليست مرتكزات للوقوف عليها، فكل شيء في الحياة له دوره ومرحلته وينتهي!